ويضيف قائلا:"إن معظم القضايا الحساسة والمثيرة للجدل التي يواجهها الأمريكيون اليوم، قد جرت مناقشتها قبل أن يصبح رئيساً بوقت طويل، حيث أن هذه الخلافات طبيعية، ولا يمكن تجنب معظمها. ويرى (كارتر) أن هذه القضايا الخلافية، كانت تناقش بحرية وانفتاح ودون إثارة للمشاكل، ولكن نقاشها الآن بات يثير انقسامات داخل المجتمع الأمريكي لا سابق لها، حيث يعتمد الحزبان الديمقراطي والجمهوري على الإعلانات التجارية التشهيرية لكسب الانتخابات، وحيث تتسم مداولات الكونجرس بعداء متحيز، وحيث أصبح سكان أمريكا جميعاً يتبنون كلمات مثل (أحمر و أزرق) في وصف العلاقات بين الولايات الأمريكية، بل داخل الولاية الواحدة (١).
ويتساءل كارتر: ما الذي أثار هذه الخلافات الحادة، وولد في الوقت ذاته ذلك الابتعاد السحيق عن قيم أمريكا التقليدية؟ ويجيب عن هذا التساؤل، قائلاً: "إن أحد العوامل لذلك هو رد فعل الأمة الأمريكية على هجوم ١١ سبتمبر ٢٠٠١ م الإرهابي، حيث أدركت شدة الإرهاب، وديمومته، وطبيعته الكونية. ولكن هذا العامل ليس الوحيد في نظر (كارتر)، بل هناك عوامل أخرى منها: حقن الأموال الطائلة في شريان العملية السياسية، والنفوذ غير المسبوق للشركات والمصالح الخاصة في مداولات الحكومة, التي باتت تتجه إلى السرية بصورة متزايدة. ولكن العامل الأهم، كما يقول (كارتر)، هو أن الأصوليين أصبحوا بصورة متزايدة متنفذين في شؤون الدين والحكومة، كما أفلحوا في تغيير الفوارق الدقيقة في النقاش التاريخي، ليصبح جامداً متصلباً يختزل الأمور إلى أبيض أو أسود، حيث يلقى كل من يجرؤ على المخالفة الازدراء والاحتقار الشخصي. وفي الوقت ذاته يقول (كارتر): "وحّد هؤلاء المحافظون الدينيون والسياسيون جهودهم، وأزالوا المسافة التي كانت تحترم في السابق، بين الكنيسة والدولة. وقد عزز ذلك قوة نفر من (المحافظين الجدد) المتنفذين، الذين تمكنوا من تطبيق فلسفتهم التي طال احتباسها، على صعيدي السياسة المحلية والسياسة الخارجية. حيث جرى تبني تفسير ضيق للمعتقدات
(١) القيم الأمريكية تتعرض للخطر ـ تأليف: جيمي كارتر عرض: عمر عدس ـ جريدة الخليج الإماراتية - عدد ٩٧٠٩ بتاريخ ١٨ـ١٢ـ٢٠٠٥