وبلال الحبشي وصحابة من العرب أنفسهم، وبذلك يكون المجلس عالمياً ومتعدد الجنسيات. كما شكلت الحضارة العربية والإسلامية قوة عالمية عظمي ودولة امتد نفوذها ليصل من إسبانيا حتى الصين. وضمت الحضارة الإسلامية تحت لواء سيطرتها، مختلف العقائد والأعراق الذين وصل تعدادهم إلي مئات الملايين. وكما قالت (كارلي فيورين)، الرئيسة التنفيذية لشركة هيوليت باكارد، في خطاب ألقته عام ٢٠٠١، فإن الإسلام كان الجسر الذي ربط بين شعوب أكثر من ١٠٠ دولة، وكانت جيوشه تتكون من جنود من مختلف الجنسيات، وأفضت الحماية العسكرية التي وفّرها إلي درجة لم يشهدها التاريخ من قبل من السلام والازدهار.
ولكن ما أدي إلي تشويه عولمة اليوم ووصمها بالعار، هو ارتباطها الوثيق بالرأسمالية الأنكلوسكسونية الداروينية المتسمة بالمغالاة والتطرف، واستخدامها لتكنولوجيا الاتصالات الحديثة وتقنيات الإدارة، لبسط وفرض ثقافتها المنفرة، وحروبها وماديتها البحتة المنحرفة عن الأخلاق والمثل. لقد تمكنت العولمة الأنكلوسكسونية المعاصرة من إدخال ونشر برامجها الداروينية، كما أنها أفرزت نظاماً اقتصادياً طفيلياً جديداً، تحفّه المخاطر من كل جانب، علاوة علي عزمها فرض مفاهيمها ورؤاها أحادية الجانب، في الوقت نفسه الذي تتشدق فيه بالتعددية. أما أجندتها فهي محشوة بأعمال الإبادة الجماعية الوحشية، بينما هي تنادي بحقوق الإنسان. وتدّعي الديمقراطية وتوغل في الديكتاتورية. إنها تؤمن بالله، فقط إذا علمنا أن المال هو إلهها الوحيد (١).
ففي الولايات المتحدة الأمريكيه بنيت الحياة على المادة، حيث أرسيت سيكولوجيا سكان هذه البلاد على المبادئ التلمودية القائمة على عبادة المال و (الحق) في نهب وقتل جميع الغرباء بهدف الاستيلاء على أراضيهم واملاكهم. وهكذا اصبح القراصنة وقطاع الطرق وغيرهم من المجرمين المحظوظين، الأبطال بالنسبة للأغلبية الأمريكيه الساحقة. يقول (الغ بلاتونوف) في كتابه (لهذا كله ستنقرض أمريكا): "حين قمت لأغراض دراسية بزيارة إحدى أهم مدن سادوم وعمره - لاس فيغاس - المركز العالمي لصناعة القمار والفسق والعهر، رأيت بأم عيني إن جدران
(١) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي-٢٩/ ٢/٢٠٠٣