"مثلاً"!). لهذا لا تستنكروا الاستشهاد، ببعض أبيات القصيدة الدرويشية، في الجزء الأبرز من هذه الكتابة، في إطار قراءة "الطغيان الأمريكي".
وفي مدخل القراءة، لم يكن مناسباً، غير الإغراق في التمعُّن، في تلك الحالة الاستشرافيّة، التي نطقها الشعر العربي المعاصر، وكأنّه ينوب عن صوت العرب القديم والأصيل (عبر الشعر أيضاًَ)، حينما كان ممثِّل دبلوماسياتها بين الحضارات والأمم ... آنذاك.
إذن، هذه المرّة فقط، ستثبت مقاطع درويش، عبر الخطبة "الهندية الحمراء"، أن الشعر العربي، قد عاد وهجه - مؤقّتاً - وإن كان زمن الكتابة الراهن "روائياً" بحتاً، حينما استنطق الواقع السياسي المُعاش حالياً، أكثر من دُهاة السياسة، وكبار المراقبين والمعلِّقين، في هذه الساحة الساخنة، التي تستعصي حتّى على خبراء الاستخبارات (!).
الأرض الأمريكية الراهنة، كانت ملكاً لـ"مجموعات الإسكيمو"، في الشمال النائي المتجمِّد، والمنفصل من الولايات (آلاسكا)، ولـ"قبائل الهنود الحمر"، في بقيّة الأراضي، امتداداً إلى دول أمريكا الجنوبيّة. منذ وطأت قدم البحّار كريستوفر كولومبوس (١٤٥١ - ١٦٠٥)، تلك الأرض في عام ١٤٩٢، بدأ العهد "الأمريكي"، الذي يعرفه العالم الآن، بعد أن تلظّى منه أصحابها (أيّ الأرض!). ولعلّ المؤرِّخون في العالم أجمع، يضمّون حدث اكتشاف أمريكا، ضمن وقائع تُعدّ دليلاً، على بداية الأزمنة الحديثة، إلى جانب اكتشاف المطبعة من قبل جوتنبرج (١٤٣٤)، واكتشافات كوبرنيكوس الفلكية (١٥٤٣). وهنا تأتي الإشارة الأخرى، التي يتّخذها بعض النقّاد، وهي أنّ تلك الوقائع، قد مهّدت إلى انطلاقة اصطلاح "الحداثة" ( Modernity) ، فيما بعد، وذلك في العام ١٨٤٩، في أيام بودلير، ليتأكّد انضمام عصر الحداثة، إلى الأحقاب الثلاثة التي تقسِّم التاريخ الإنساني، إلى جانب العصور اليونانية الرومانيّة القديمة، والعصور الوسطى. إنّها "الحداثة" التي يربطها الغالب فينا، بالاصطلاح الأدبي فقط - خصوصاً نحن العرب (!) - وإن كان أوضح تعريف لها: تموضُع العلم في مركز الحياة الاجتماعيّة، بدلاً من العقليّة الغيبيّة أو الميتافيزيقيّة. ويراها عالم الاجتماع الفرنسي "ألان تورين"، بأنّها ليست عبارة عن مجرّد تتابع للحظات الزمن،