الامركة أي الوجود الطفيلي على حساب موارد الآخرين والعنف والخداع واستغلال ونهب الدول الأخرى يجب أن يدمر بجهود البشرية المشتركة وآلا فان العاقبة ستكون وخيمة على العالم بأسره. فخلافاً للقوة المسيطرة السابقة تعمل الولايات المتحدة الأميركية في عالم يشتد فيه الجوار وتقوى أواصر الألفة، فالقوى الامبراطورية السابقة مثل بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر أو الصين في مراحل مختلفة من تاريخها الممتد آلافاً من السنين أو روما خلال ٥٠٠ عام لم تكن تتأثر نسبياً بالتهديدات الخارجية، فقد كان العالم الذي تسيطر عليه مقسماً إلى أجزاء منفصلة لا يتفاعل بعضها مع بعض، وكانت المسافة والزمن يوفران متنفساً ويعززان أمن الوطن. وبالمقابل ربما تكون الولايات المتحدة الأميركية فريدة في قوتها في المنظور العالمي، ولكن أمنها الداخلي مهدد على نحو فريد أيضاً، وقد يكون اضطرارها إلى العيش في مثل هذا الجو من انعدام الأمن حالة مزمنة على الأرجح (١).
فخلال العقود القادمة ستفقد الولايات المتحدة الأمريكيه وجودها كرقعة واحده وكسكان متضامنين وإذا ترك الحبل على الغارب فان انهيار أمريكا سيكون مأساويا بالنسبة للكرة الأرضية برمتها. فأمريكا المحشيه بالسلاح النووي وبالحقد الشيطاني على كل ما هو إنساني، يمكن إن تجر العالم كله إلى الهاوية، ولذا فان على المجتمع الإنساني إن يتخذ الإجراءات الوقائية ويقوم بضبط هذه العملية الكارثيه على شتى محاور الانهيار الأمريكي القادم: المحور القومي العرقي، المالي الاقتصادي البيئي والدولي. وكأية ظاهرة سياسية - اجتماعيه شاذة فان عملية تداعي الولايات المتحدة، تحمل طابعاً متعدد الاحتمالات، وبالتالي يمكن التنبوء بها وضبطها من خلال عدة سيناريوهات، إنما المسألة تكمن في طبيعة وتكوين وفعالية أدوات الضبط التي سنختارها، وسوف يتم الضبط عبر التأثير على نقاط الضعف في إمبراطورية الشر. إن على دول العالم وشعوبه إن تقيم بكل الطرق الممكنة، مرافق مقاومة الولايات المتحدة بالدرجة الأولى عن طريق إنشاء مراكز خاصة تعمل على تهديديها، وترسم الاستراتيجية الطويلة المدى لذلك وشن حملة دعائية مكثفة
(١) الاختيار السيطرة على العالم أم قيادة العالم- زبيغنيو بريجنسكي - الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت- ط١ ٢٠٠٤ - عرض/ إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت- ١٤ - ٨ - ٢٠٠٤