للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكسر الاقتصادي: تعاني أمريكا من تبعية اقتصادية متنامية حيال العالم الخارجي. والارقام توضح أن أميركا تسجل عجزاً في ميزانها التجاري مع كل البلدان المهمة في العالم. أما الفائض في الميزان التجاري التكنولوجي (سلع التكنولوجيا المتقدمة) فهو في تراجع، ليسجل عجزاً في ٢٠٠١. فالاقتصاد الأميركي نمت فيه الخدمات المالية، التأمينات والعقارات بوتيرة أسرع بمرتين من وتيرة نمو الصناعة، وذلك بين ١٩٩٩ و٢٠٠٠. أما أرقام الناتج القومي الأميركي الخام فضخمت بسبب المخالفات كما ظهر مع فضيحة إنرون، إفلاسها نجم عنه تبخر ١٠٠ مليار دولار. وهذا الرقم يمثل حوالي ١% من الناتج القومي الخام الأميركي. ومع تزييف حسابات الشركات الأميركية بدأ هذا الناتج يشبه من حيث المصداقية الإحصائية الناتج القومي الخام السوفياتي. ولهذا فان أميركا هي قيد التحول إلى فضاء متخصص في الاستهلاك وتابع للعالم الخارجي، فهي ليست مهمة للعالم من حيث إنتاجها وإنما من حيث استهلاكها (١).

فالاقتصاد الأمريكي شبيه بالسيارة المندفعة من عل بدون مكابح، فهي غير قادرة على التوقف. لقد نضبت إمكانيات التطور المكثف. حتى إن احدث أنواع التكنولوجيا غير قادرة إجمالاً على مواكبة عملية تقلص الموارد نتيجة سباق الاستهلاك المحموم. لذا فان الولايات المتحدة ستضطر من اجل إطعام غول اقتصادها الاستهلاكي إلى زيادة نهب الآخرين، وهذا ليس بالأمر السهل في الظروف الحاليه. ولقد فقدت الولايات المتحدة الأمريكيه مراكز الصدارة في التكنولوجيا العالية بسبب اعتمادها على مدى عشرات السنين على النهب الاقتصادي للدول الأخرى، من خلال التحكم بالأسعار العالمية والقيمة الشكلية للدولار. ففي بداية السبعينات كان نصيب الولايات المتحدة من الصادرات العالمية من التكنولوجيا المتطورة يصل إلى ٣٠% وفي الثمانينات انخفضت هذه النسبة إلى ٢١% ولن تزيد مع نهاية التسعينات على ٥ - ١. % حيث انتقل مركز القيادة في التكنولوجي المتطورة إلى اليابان وعدد من البلدان الاسيويه الاخرى. ومنذ النصف الثاني من التسعينات ومطلع القرن الحالي دخلت الولايات المتحدة منطقة الأزمة الاقتصادية الطويلة


(١) بعد الإمبراطورية: محاولة حول تفكك النظام الأميركي- المؤلف: إمانيول طود - كامبردج بوك ريفيوز

<<  <  ج: ص:  >  >>