للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصالح القوة الخاصّة والثروة الخاصّة. ولكن ينبغي عدم الكشف عن حقيقة روابطهم تلك للعامة الجهلاء، حيث تم إنشاء المجلس النخبوي للعلاقات الخارجية، وتم تجميع النخب من علي جانبي الأطلسي لصياغة السياسات الوطنية لكل دولة، وأُتقنت الديمقراطية الميكانيكية على زرع هذه السياسات والمؤسّسات والأفراد في مواقع حكومية منتقاة. أما القضايا المهمّة فيجري تقريرها خلف الأبواب المغلقة، في حين تترك مسرحيات الانتخابات للمرشحين المتنافسين الذين عليهم جميعاً القبول بوضع النخبة. وهكذا، إذن، أصبحت طريقة الحكم تكنوقراطية لا ديمقراطية (١). فأمريكا كما يقول جورج وولد استاذ بجامعة هارفارد الأمريكية، لا يحكمها نظام يقوم على حزبين كما يدعى البعض بل على حزب واحد يدعى صفة التعدد لتضليل الرأى العام (٢).

فمنذ القدم وضعت الية دقيقة يمكنها حرمان جزء هام من قاعدة الناخبين الأمريكيين من حق التصويت الديمقراطي عند اللزوم. وقد ظهرت فاعلية هذه الآليات حين اصبحت فلوريدا ساحة قتال لانتخابات الرئاسة الأمريكية (جور ضد بوش (٣) (. فبعد الحرب العالمية الثانية، غير جهاز التلفزيون من طبيعة وشكل الحملات الانتخابية وجوهر الأحزاب والسياسة، من خلال قدرته على التلاعب بالرأي العام بواسطة الحملات المتلفزة المكلفة، مما جعل السياسيون عاجزين عن تحدي مموّليهم وسادتهم من أرباب المال، وهذا يعني ان النظام اصبح اقل ديمقراطيه. إن ظهور التلفزيون وسيطرة القلة عليه، بل وامتلاكه، قد ادي إلي تعاظم قوة وسيطرة القلة علي الأحزاب السياسية والانتخابات ومختلف العمليات. واستخدمت القلة مصاردها المالية الهائلة للتلاعب في الرأي العام والتأثير علي المرشحين. ولكن الناخبين توقفوا عن المشاركة في الانتخابات لانها باتت مجرد مضيعة للوقت، لا سيما أن لعبة السيطرة من قبل المصالح الخاصة للقلة باتت مكشوفة أمام أعينهم وإدراكهم (٤). وهكذا اصبحت أمريكا اليوم هي المجتمع الأكثر توليتاريه في العالم،


(١) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي-٢٩/ ٢/٢٠٠٣
(٢) زعماء ودماء-ايمن ابو الروس ص ٩٦
(٣) احداث ١١ سبتمبر - الاكذوبة الكبرى - محمد صفي ص١٣٠ - دار الاحمدى للنشر - الطبعة الأولى ٢٠٠٣
(٤) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي- ١/ ٢/٢٠٠٣ هو

<<  <  ج: ص:  >  >>