الشيوعية - السابقة - في الخمسينات من هذا القرن، إلى إضرام النار في حقل التفاهم الإسلامي المسيحي الجاف، حيث لعبت الخلفية الاستعمارية لدول أوروبا الغربية، والخلفية الصهيونية لسياسة الولايات المتحدة، الدور الأساسي في دفع بعض الدول العربية والإسلامية إلى أحضان الكرملين، رغم العداء للشيوعية كعقيدة. وقد وظفت الصهيونية اليهودية، والصهيونية المسيحية هذا الأمر لتوسيع الهوة بين العرب والغرب، وبين الإسلام والمسيحية. وقبل أن تتكشف خطورة الفصل بين المسيحية، والصهيونية المسيحية، كانت أحكام الإدانة المشرعة قد عطلت لغة الحوار والتفاهم على قواعد العقائد والمصالح المشتركة. ومع الوقت أصبحت الإدانات المتبادلة قوالب جامدة لعلاقات سيئة، ولم تتمكن مؤتمرات الحوار الإسلامي المسيحي أن تفعل الكثير لتحطيم هذه القوالب، ومن ثم لدفع العلاقات نحو آفاق التعاون الرحب والمفتوح أمامها.
كما كان للفتنة في لبنان آثار مدمرة على محاولات الحوار المتواصلة التي جرت في الثمانينات في روما وأثينا ومدريد وقبرص، وحتى في الولايات المتحدة نفسها. فالمثال اللبناني الراقي على التعايش بين المسلمين والمسيحيين تحول بفعل التدخل والتحريض الإسرائيلي والدولي إلى وحش مخيف. وما لم يدرك المسلمون والمسيحيون داخل لبنان وخارجه، أن ما حدث في لبنان هو جزء من الصراع بين الصهيونية (اليهودية والمسيحية) وأعدائها، فإن كل حسابات التعامل مع أسباب ونتائج هذه الفتنة، ستبقى حسابات خاطئة ومتعثرة. إن ما حدث في لبنان كان نتيجة ولم يكن سبباً، كان أداة ولم يكن هدفاً. لم يكن ما حدث نتيجة لاستحالة التعايش الإسلامي - المسيحي، ولكنه كان سبباً لنجاح هذا التعايش. فالذين ساءهم نجاح التجربة اللبنانية عملوا على ضربها. ولم يكن ضرب هذه الصيغة هدفاً في حد ذاته، بل أداة لضرب هدف أكبر، هو التفاهم الإسلامي المسيحي ضد الصهيونية (١). ومما يدل على ذلك هو ان أول رد على أكاذيب الصهيونية المسيحية في عقر دارها في