للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم» (١).

ثالثاً: حديث ابن عباس -رضي الله عنه- في موت إحدى بنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفيه: قال: فبكت النساء فجعل عمرُ يضربهنّ بسوطه، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، وقال: «مهلاً يا عمر»، ثم قال: «ابكِين وإياكنّ ونعيق الشيطان» ثم قال: «إنه مهما كان من العين والقلب، فمن الله، ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان، فمن الشيطان» (٢).

ويستدل منها على النسخ: بأن الحديث الأول يدل على أن نساء الأنصار بكين على هلكاهنّ وعلى حمزة -رضي الله عنه-، وكان في هذا البكاء نوح وندبة، يدل عليه الرواية الثانية، وكذلك النهي في آخر الحديث؛ لأن مجرد البكاء غير منهي عنه؛ بدليل الحديث الثاني والثالث، ولم ينههنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أولاً، ثم نهاهنّ عن ذلك، فقال: «ولا يبكين على هالك بعد اليوم»، فنسخ به الجواز السابق، وحرمت النياحة (٣).

هذا كان القول بالنسخ، ودليله.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٢٥٧، كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، ح (١٣٠٤)، ومسلم في صحيحه-واللفظ له- ٤/ ٢٤٠، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، ح (٩٢٤) (١٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد ٤/ ٣١. وأبو داود الطيالسي في مسنده ص ١٥٩، ونحوه الحاكم في المستدرك ٣/ ٢١٠. قال الشوكاني في نيل الأوطار ٤/ ١٤٠: (فيه علي بن زيد وفيه كلام، وهوثقة، وقد أشار إلى الحديث الحافظ في التلخيص وسكت عنه).
(٣) انظر: سبل السلام ٢/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>