للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الخامس: استيفاء القصاص قبل اندمال الجرح]

ذهب بعض أهل العلم إلى عدم استيفاء القصاص في الجراحات قبل برئ الجرح واندماله. وأن ما يدل على جوازه قبل الاندمال فإنه قد نسخ.

وممن صرح بالنسخ: الحازمي (١)، وابن قدامة (٢)، وأبو حامد الرازي (٣)، وأبو إسحاق الجعبري (٤).

وتبين منه أن القول بالنسخ أحد أسباب الاختلاف في المسألة، كما أن اختلاف الآثار، والاختلاف في مفهومها سبب آخر للاختلاف فيها (٥).

ويستدل للقول بالنسخ بما يلي:

أولاً: عن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً طعن رجلاً بقرن في ركبته، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستقيد، فقيل له: حتى تبرأ، فأبى وعجل فاستقاد، قال: فعنتت رجله، وبرئت رجل المستقاد منه، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: «ليس لك شيء، إنك أبيت» (٦).


(١) انظر: الاعتبار ص ٤٥٧، ٤٥٨.
(٢) انظر: المغني ١١/ ٥٦٤.
(٣) انظر: الناسخ والمنسوخ في الأحاديث ص ٨٢.
(٤) انظر: رسوخ الأحبار ص ٤٧٨.
(٥) ارجع المصادر في الحواشي السابقة في المسألة.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في المسند-كما في إتحاف الخيرة المهرة ٤/ ١٩٣ - ، ومن طريقه الدارقطني في سننه-واللفظ له-٣/ ٨٩، والبيهقي في السنن الكبرى ٨/ ١١٦، وابن حزم في المحلى ١٠/ ٢٦٦، والحازمي في الاعتبار ص ٤٥٧. وهذا الحديث سنده صحيح لكن اختلف في رفعه وإرساله، فرواه أبو بكر وعثمان بن أبي شيبة مرفوعاً، ورواه غيرهما مرسلاً. وصحح المرفوع ابن حزم في المحلى ١٠/ ٢٦٥. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي ٨/ ١١٦: (ابنا أبي شيبة إمامان حافظان، وقد زادا الرفع فوجب قبوله على ما عرف). وقال الدارقطني بعد ذكر الحديث: (قال أبو أحمد بن عبدوس: ما جاء بهذا إلا أبو بكر وعثمان. قال الشيخ: أخطأ فيه أبنا شيبة، وخالفهما أحمد بن حنبل وغيره، عن ابن عليه عن أيوب عن عمرو مرسلاً، وكذلك قال أصحاب عمرو بن دينار عنه، وهو المحفوظ مرسلاً). وقال الحازمي: (رواه معمر عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن طلحة مثله، ورواه إسماعيل بن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار، وقد اختلف عليه فيه، فرواه عنه أحمد بن حنبل مرسلاً، وخالفه فيه أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، فروياه عن إسماعيل بن علية عن أيوب عن عمرو عن جابر موصولاً، والقول ما قاله أحمد). وقال الشيخ الألباني في إرواء الغليل ٧/ ٢٩٨ - بعد ذكر الحديث من طريق ابن أبي شيبة-: (وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، إلا أنهم أعلوه بالإرسال-ثم ذكر من أخرجه، ثم ذكر كلام الدارقطني، ثم قال: -وله شاهد آخر يرويه أبو الزبير عن جابر نحوه مختصراً، أخرجه ابن أبي عاصم، والدارقطني، والبيهقي. قلت: وهو صحيح لولا عنعنة أبي الزبير، وقد تابعه الشعبي عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره من طريق الطحاوي، ثم قال: -وهذا إسناد حسن).

<<  <  ج: ص:  >  >>