للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: رفع اليدين في الصلاة في غير الافتتاح]

ذهب بعض الحنفية، منهم الطحاوي إلى أن رفع اليدين في غير افتتاح الصلاة قد نسخ، لذلك لا يسن رفعهما في غير تكبيرة الافتتاح (١).

وتبين منه أن القول بالنسخ في المسألة أحد أسباب اختلاف أهل العلم فيها، ولكن السبب الأصلي لاختلافهم فيها هو تعارض الآثار الواردة فيها (٢).

ويستدل لمن قال بالنسخ بما يلي:

أولاً: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: «فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة» (٣).


(١) ادعى النسخ الطحاوي، وتبعه: الكاساني، والمنبجي، وابن الهمام، والعيني، وبعض الآخرين. انظر: شرح معاني الآثار ١/ ٢٢٥، بدائع الصنائع ١/ ٤٨٥؛ اللباب للمنبجي ١/ ٢٣٣؛ فتح القدير ١/ ٣١١؛ العناية ١/ ٣٠٩؛ البناية للعيني ٢/ ٢٩٩؛ عمدة القاري ٥/ ٢٧٣؛ التحقيق لابن الجوزي ١/ ٣٢٩.
(٢) انظر: بداية المجتهد ١/ ٢٥٧.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه ص ١٢١، كتاب الصلاة، باب من لم يذكر الرفع عند الركوع، ح (٧٤٨)، والترمذي في سننه ص ٧٤، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرفع يديه إلا في أول مرة، ح (٢٥٧)، والنسائي في سننه-ولفظه: (فرفع يديه أول مرة، ثم لم يعد) - ص ١٦٨، كتاب الافتتاح، باب ترك ذلك، ح (١٠٢٦)، وابن أبي شيبة في المصنف ١/ ٢١٣، وأحمد في المسند ٦/ ٢٠٣، وابن المنذر في الأوسط ٣/ ١٤٩، والطحاوي في شرح معاني الآثار-ولفظه: (عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لا يعود) - ١/ ٢٢٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٢/ ١١٢. وهذا الحديث رجاله في بعض طرقه رجال الشيخين، غير عاصم بن كليب فمن رجال مسلم، وقد صححه بعض أهل العلم، وممن صححه أو حسنه: الترمذي، وابن القطان-غير زيادة: (لا يعود) -، والطحاوي، والدارقطني-إلا قوله: (ثم لم يعد) -، وابن حزم، وابن التركماني، والزيلعي، والشيخ الألباني. انظر: سنن الترمذي ص ٧٤؛ شرح معاني الآثار ١/ ٢٢٦؛ العلل للدارقطني ٥/ ١٧٢؛ المحلى ٢/ ٢٦٥؛ الجوهر النقي على سنن الدارقطني ٢/ ١١٢؛ نصب الراية ١/ ٣٩٤ - ٣٩٦؛ فتح الباري ٢/ ٢٧٣؛ الدراية ١/ ١٥٠؛ صحيح سنن أبي داود ص ١٢١؛ صحيح سنن النسائي ص ١٦٨.
وقال الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ٣/ ٣٣٨ بعد ذكر سنده: (قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أعله المصنف رحمه الله بما رأيت، ووافقه على ذلك غير ما واحد كما يأتي، ولم نجد في كلماتهم ما ينهض على تضعيف الحديث فالحق أنه حديث صحيح، كما قال ابن حزم في المحلى، وحسنه
الترمذي).
وضعفه الأكثرون، فقال ابن المبارك: لم يثبت عندي. وقال أحمد بن حنبل، ويحيى بن آدم، والبخاري: هو ضعيف. وقال أبو داود: هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (قام فكبر فرفع يديه ثم لم يعد) فقال أبي: هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري، فقد رواه جماعة عن عاصم وقالوا كلهم: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- افتتح فرفع يديه، ثم ركع فطبق، وجعلهما بين ركبتيه) ولم يقل أحد ما روى الثوري. وقال أبو بكر أحمد بن عمرو البزار: وهو حديث لا يثبت ولا يحتج به. وقال ابن عبد البر: هو حديث انفرد به عاصم بن كليب، واختلف عليه في ألفاظه، وقد ضعف الحديث أحمد بن حنبل وعلله ورمى به. انظر: سنن أبي داود ص ١٢١؛ السنن الكبرى للبيهقي ٢/ ١١٣ - ١١٥؛ التمهيد ٣/ ٧٥، ٧٦؛ المجموع ٣/ ٢٥٩؛ نصب الراية ١/ ٣٩٦؛ التلخيص الحبير ١/ ٢٢٢؛ نيل الأوطار ٢/ ١٨٠، ١٨١؛ تحفة الأحوذي ٢/ ١١٥ - ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>