للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثامن: الوضوء للجنب إذا أراد أن يعود إلى الجماع]

أجمع أهل العلم على أنه يجوز للجنب أن يعود إلى الجماع قبل الاغتسال (١).

وذهب الطحاوي إلى أن الأمر بالوضوء للجنب إذا أراد أن يعود إلى الجماع قد نُسخ؛ لذلك لا بأس للجنب إن يعود إلى الجماع وإن لم يتوضأ (٢).

وتبين منه أن القول بالنسخ أحد أسباب الاختلاف عند بعض الفقهاء، لكن السبب الأصلي للاختلاف هو اختلاف ظواهر الآثار الواردة في المسألة، والاختلاف في مفهومها، أي هل هي للوجوب أو الندب والاستحباب. وسيتبين ذلك من خلال ذكر الأدلة ووجه الاستدلال منها (٣).

ويستدل لمن قال بالنسخ بما يلي:

أولاً: عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجامع ثم يعود ولا يتوضأ، وينام ولا يغتسل» (٤).


(١) انظر: المنهاج شرح صحيح مسلم ١/ ٥٤٦؛ فتح الباري ١/ ٤٧١.
(٢) انظر: شرح معاني الآثار ١/ ١٢٨، ١٢٩؛ عمدة القاري ٣/ ٢٤٤؛ حاشية الطحطاوي ص ٥٥.
(٣) راجع الأدلة الآتية ووجه الاستدلال منها. وانظر: بداية المجتهد ١/ ٨٧.
(٤) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٢٧. وذكره ابن حجر في الفتح ١/ ٤٧١، واستدل به على عدم وجوب الوضوء ولم يتكلم فيه بشيء.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ٤١/ ٢٩٣، ولفظه: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان له حاجة إلى أهله أتاهم ثم يعود ولا يمس ماء) وفي إسناده شريك بن عبد الله النخعي وهو سيئ الحفظ، وقد سبق في المطلب السابق بلفظ: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصيب من أهله من أول الليل ثم ينام ولا يمس ماء، فإذا استيقظ من آخر الليل عاد إلى أهله واغتسل) وسبق الكلام عليه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>