للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذن فلا يكون في تلك الروايات أي دليل على نسخ أحاديث عدم الفطر بالحجامة؛ لعدم معرفة تاريخه.

وإن كان هو رمضان عام الفتح، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- في الثامن عشر منه لم يكن بالمدينة. فلا يصح كونه بالمدينة وبالبقيع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج لغزو مكة قبل ذلك. فقيل: لعشر خلون من رمضان-وهو ما اتفق عليه أهل السير-. وقيل لليلتين خلتا من شهر رمضان. وقيل غير ذلك، إلا أن كل ذلك يفيد أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن بالمدينة في الثامن عشر من رمضان، وهو تاريخ الحجامة (١).

لذلك يكون الاستدلال على النسخ من قوله (زمن الفتح) أو (يوم الفتح)، موضع نظر، ويكون تاريخ هذا الاحتجام في الثامن عشر من رمضان، كما يؤكده أكثر الروايات لحديث شداد -رضي الله عنه-، وكذلك حديث ثوبان -رضي الله عنه-، لكن رمضان عام غير متعين، وبالتالي يكون الاستدلال منه على تأخره وكونه ناسخاً ضعيفاً (٢).

والله أعلم.


(١) انظر: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٣٩٩؛ زاد المعاد ٣/ ٣٩٤؛ فتح الباري ٤/ ٢١٤، ٧/ ٦٣٨؛ الرحيق المختوم ص ٣٩٩.
(٢) وقد أشار ابن التركماني في الجوهر النقي ٤/ ٤٤٦، إلى هذا الاختلاف في التوقيت في حديث شداد -رضي الله عنه-، فقال: (على أنه قد اختلف التوقيت في حديث شداد، فذكر هنا أنه كان عام الفتح، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان حيئذٍ بمكة، وأخرج البيهقي فيما مضى في باب الإفطار بالحجامة، من حديث أبي داود أن ذلك كان بالبقيع، وهو بالمدينة، ولم يذكر عام الفتح).
كما أشار إليه أبو إسحاق الجعبري في رسوخ الأحبار ص ٣٥٦؛ حيث قال: (ويروى «زمن الفتح»، ويروى «بالبقيع»، ويكاد يتناقضان).

<<  <  ج: ص:  >  >>