للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يحظ من معرفة الآثار إلا بآثار، ولم يحصل من طرائق الأخبار إلا أخباراً، أن الخطب فيه جليل يسير، والمحصول منه قليل غير كثير.

ومن أمعن النظر في اختلاف الصحابة في الأحكام المنقولة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اتضح له ما قلناه.) -ثم استشهد لقوله بقول الزهري السابق- (١).

ثانياً: إن الفقهاء والمجتهدين-رحمهم الله تعالى-اختلفوا في مسائل كثيرة، وكان أحد أسباب اختلافهم، الاختلاف في الناسخ والمنسوخ (٢).

فجمع هذه المسائل، وتحقيق القول فيها، ودراستها دراسة علمية، يحقق فائدة عظيمة للباحث والقارئ؛ وذلك بأنه سيتمكّن من معرفة من قال بالنسخ في المسألة ممن لم يقل به، وما هو دليل كل واحد، وبالتالي سيتمكن من معرفة سبب اختلافهم، وهل المسألة منسوخة في الحقيقة أم لا.

كما أن في ذلك رفعاً للملامة عن من خالف بعض الأحاديث الصحيحة، وذلك ببيان أن مخالفته للحديث وعدم قوله به إنما حصل؛ لأنه اعتبر ذلك الحديث منسوخاً.

ثالثاً: يوجد بعض من تعصب للمذاهب، فردُّوا أحاديث صحيحة، بدعوى أنها منسوخة، من غير أن يعرفوا نسخها وناسخها. كما قال شيخ الإسلام (٣) - رحمه الله-: (ونجد كثيراً من الناس ممن يخالف الحديث الصحيح


(١) الاعتبار ص ٤٤.
(٢) انظر: رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ص ٣٣؛ الإيقاف على سبب الاختلاف للسندي ص ٣٦.
(٣) هو: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله، الحراني، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس، سمع الحديث من ابن عبد الله الدائم، وغيره، وقل أن سمع شيئا إلا حفظه، وكان إماماً في التفسير عارفاً بالفقه، وباختلاف العلماء وعالماً بالأصول والفروع وسائر العلوم، وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. انظر: البداية والنهاية ١٤/ ١٥٤؛ شذرات الذهب ٦/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>