للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: عن الزهري قال: (كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء يتحرجون من ذلك، وكان الرجل يخرج مُهلاً بالعمرة فتبدو له الحاجة بعد ما يخرج من بيته، فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء، فيفتح الجدار من ورائه، ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته، حتى بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل زمن الحديبية العمرة فدخل حجرة، فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إني أحمس» قال الزهري: وكانت الحمس لا يبالون ذلك، فقال الأنصاري: "وأنا أحمس" يقول: وأنا على دينك، فأنزل الله تعالى ذكره: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} [البقرة: ١٨٩] (١).

فهذه الأدلة تدل على أنه ليس من البر للمحرم إتيان البيوت من ظهورها. وإنكار النبي -صلى الله عليه وسلم- على قطبة بن عامر خروجه من الباب يدل على أنه كان مشروعاً في أول الإسلام، ثم نسخ الله ذلك وأمر بإتيان البيوت من الأبواب؛ لذلك لا يحرم إتيانها من الأبواب في حال من الأحوال (٢).

والله أعلم.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان ٢/ ٩٦٨، وهو مرسل صحيح. وانظر فتح الباري ٣/ ٧٦٩.
(٢) انظر: جامع البيان للطبري ٢/ ٩٦٦ - ٩٦٩؛ أحكام القرآن للجصاص ١/ ٣١٠؛ أسباب النزول للواحدي ص ٣٣؛ الاعتبار ص ٣٧٤؛ الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٣٤٢ - ٣٤٤؛ الناسخ والمنسوخ في الأحاديث للرازي ص ٦٤؛ تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٢١٤؛ رسوخ الأحبار ص ٣٧٥ - ٣٧٧؛ فتح الباري ٣/ ٧٦٨، ٧٦٩؛ عمدة القاري ٧/ ٤٣٩ - ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>