للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات بعد الآية التي نهى الله فيها عن قتالهم عند المسجد الحرام؛ لأن ذلك كان قبل فتح مكة، وقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}. بعد فتح مكة، فيكون النهي عن القتال عند المسجد الحرام منسوخاً بهذه الآيات؛ لتأخرها عن ذلك. كما يكون منسوخاً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث دخل مكة عام الفتح بغير إحرام، وأمر بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة (١).

واعترض عليه بما يلي:

أ-بأنه يمكن الجمع بين هذه الأدلة، وذلك بحمل قوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} على منع القتل والقتال في الحرم، فهو خاص، وحمل قوله {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}. وغيرها من الآيات على العموم غير الحرم، ولا تعارض بين العام والخاص، بل الخاص يقضي على العام. وإذا أمكن الجمع بين الأدلة لا يصار إلى نسخ بعضها (٢).

أما دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة بغير إحرام وأمره بقتل بعض المشركين،


(١) انظر: الناسخ والمنسوخ في كتاب الله لقتادة ص ٣٣؛ جامع البيان ٢/ ٩٧٣ - ٩٧٤؛ الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي ص ١٥٧؛ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢٩ - ٣٠؛ نواسخ القرآن ١/ ٢٥١ - ٢٥٣.
(٢) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن العربي ص ٤٩؛ نواسخ القرآن ١/ ٢٥٤؛ المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ لابن الجوزي ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>