للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطائف مدة، وبعض ذلك كان في ذي القعدة، ثم ارتحل عنها قبل أن يفتحها (١)، فلو كان ملاحقتهم وقتالهم واجباً حتى يقتلوا أو يسلموا لما تركهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الحصار الطويل. فكيف يرتكب المحظور-وهو القتال في الشهر الحرام على القول بعدم نسخه- لأجل أمر لم يكن واجباً؟.

رابعاً: -من وجوه النسخ- أن قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (٢). لا يدل على حظر قتال المشركين في الشهر الحرام، بل يدل على جوازه، فهو ناسخ للنهي عن قتال المشركين (٣)؛ وذلك أنه نزل حين قتل بعض المسلمين بعض المشركين في الشهر الحرام، فأنكر ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعير المشركون المسلمين بذلك، فأنزل الله هذه الآية وبين فيها أن ما يفعله المشركون وما هم عليه أكبر من قتلهم في الشهر الحرام، فأباح بذلك قلتهم في الشهر الحرام. ويدل على هذا ما رواه الزهري وغيره عن عروة قال: (بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن جحش في رجب مقفله من بدر الأولى، وبعث معه بثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم من


(١) انظر: السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٤٨٤؛ الرحيق المختوم ص ٤١٩.
(٢) سورة البقرة، الآية (٢١٧).
(٣) بنحو هذا قال الحازمي، وأبو حامد الرازي. انظر: الاعتبار ص ٤٩٨ - ٥٠٠؛ الناسخ والمنسوخ في الأحاديث ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>