للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لي: «يا سلمة! هب لي المرأة، لله أبوك» فقلت: هي لك يا رسول الله! فوالله ما كشفت لها ثوباً. فبعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل مكة، ففدى بها ناساً من المسلمين كانوا أسروا بمكة (١).

ووجه الاستدلال منها: هو أن الآيات المذكورة تدل على وجوب قتال الكفار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية، والمن عليهم بإطلاق سراحهم، أومفادتهم بالمال ينافي ذلك. وما يدل على المن عليهم أو فدائهم بالمال فإنه قد نسخ، لذلك لا يمن الإمام عليهم ولا يفادوهم بالمال، لكن يجوز مفادتهم بأسرى المسلمين، بدليل الأحاديث المذكورة (٢).

واعترض عليه: بأن الآيات المذكورة عامة، والأدلة التي تدل على جواز المنّ والفداء على أسرى الكفار خاصة، والجمع بينهما ممكن، بحمل العام على ما عدا محل الخصوص، كما حمل على الخصوص في الفداء بالأسارى من المسلمين؛ لذلك لا يصح ادعاء النسخ، ولا التعارض بين الأدلة الواردة في المسألة (٣).

دليل القول الثاني

ويستدل للقول الثاني- وهو أنه يجوز للإمام المن بأسرى الكفار


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٦/ ٣٤١، كتاب الجهاد والسير، باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى، ح (١٧٥٥) (٤٦).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٣/ ٥٢١؛ بدائع الصنائع ٦/ ٩٥؛ الهداية وشرحه فتح القدير ٥/ ٤٧٤؛ حاشية ابن عابدين ٦/ ١٧٢.
(٣) انظر: جامع البيان ١٣/ ٧٨٢٦؛ المقدمات ص ١٩٢؛ المغني ١٣/ ٤٧؛ الاعتبار ص ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>