للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه لم يكن علم بتحريم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الربا حتى حدثه به أبو سعيد -رضي الله عنه-. فعلم أن ما كان حدثه به أسامة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في ربا غير ذلك الربا) (١).

ثانياً: إن ما يُستدل منه على حصر الربا في النسيئة ونفيه عن الفضل قد ورد بألفاظ مختلفة، لكن إن كان المقصود به حصر الربا في النسيئة، ونفيه عن الفضل فإنه يكون منسوخاً بالأحاديث الدالة على حرمة الربا في الفضل؛ لتأخرها عليه؛ لأن إحدى طرق حديث البراء -رضي الله عنه- جاء فيه ما يدل على أن ذلك-أي عدم الربا في الفضل-كان في أوائل الهجرة حين مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وقد جاء في حديث فضالة بن عبيد، وعبادة بن الصامت-رضي الله عنهما-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ربا الفضل بعد فتح خيبر. والمتأخر يكون ناسخاً للمتقدم (٢).

ثالثاً: ولأن أهل العلم بعد عصر الصحابة-رضي الله عنهم- أجمعوا على حرمة ربا الفضل كحرمة ربا النسيئة، كما سبق بيانه، وإجماعهم ذلك يدل على أحد أمرين:

إما لأن ما يستدل منها على حصر الربا في النسيئة، ليس المقصود منها الحصر ونفي الربا في الفضل.

وإما أنها تدل على ذلك إلا أنها قد نسخت فأجمع أهل العلم على ترك العمل بها.

والله أعلم.


(١) شرح معاني الآثار ٤/ ٦٥.
(٢) انظر: الحاوي ٥/ ٧٧؛ الاعتبار ص ٤٠٧ - ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>