للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعاً: عن جدامة بنت وهب (١)، أخت عكاشة-رضي الله عنها-قالت: حضرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أناس، وهو يقول: «لقد هممت أن أنهى عن الغيلة (٢)، فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم ذلك شيئاً»، ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ذلك الوأد الخفي» (٣).

ويستدل منها على النسخ: بأن هذه الأحاديث غير حديث جدامة-رضي الله عنها-تدل على جواز العزل، وحديثها يدل على كراهته، فتكون هذه الأحاديث ناسخة لحديثها؛ لأن في حديث جابر وأبي سعيد-رضي الله عنهما-أن اليهود كانت تزعم أن العزل هو الوأد الخفي، فكان ذلك من قولهم، فيحتمل أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سأل اليهود عن حكم العزل؛ حيث كان -صلى الله عليه وسلم- مأموراً باتباع هداية من قبله من الأنبياء، فذكروا له أنه الوأد الخفي، فأخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من سأله، وقد كان اليهود أخبروه بذلك فكذبوه، ثم أخبر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بشريعته، وبين له كذب اليهود، فلما سأله الصحابة بعد ذلك أخبرهم بجواز العزل وأن القول بأنه الوأد الخفي من كذب اليهود، فيكون حديث جدامة-رضي الله عنها- قاله -صلى الله عليه وسلم- على وفق ما كان عليه الأمر أولاً من


(١) هي: جدامة بنت وهب، وقيل: بنت جندل، الأسدية، أخت عكاشة بن محصن لأمه، أسلمت قديماً بمكة، وهاجرت إلى المدينة، وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنها عائشة-رضي الله عنها-. انظر: الإصابة ٤/ ٢٤٥٢؛ تهذيب التهذيب ١٢/ ٣٥٦.
(٢) الغيلة بالكسر: اسم من الغيل بالفتح، وهو أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وكذلك إذا حملت وهي مرضع. النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٣٤.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ٥/ ٣٦٢، كتاب النكاح، باب جواز الغيلة، ح (١٤٤٢) (١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>