للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهياً عنه في أول الإسلام خوفاً من أن يصير مسكراً فيها ولا نعلم به لكثافتها، فتتلف ماليته، وربما شربه الإنسان ظانا أنه لم يصر مسكراً، فيصير شارباً للمسكر، وكان العهد قريباً بإباحة المسكر، فلما طال الزمان واشتهر تحريم الخمر وتقرر ذلك في نفوسهم نسخ ذلك وأبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط أن لا تشربوا مسكراً، وهذا صريح) (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وروي عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- رخص بعد هذا في الانتباذ في الأوعية وقال: «كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فانتبذوا ولا تشربوا مسكراً» (٢) فاختلف الصحابة ومن بعدهم من العلماء، منهم من لم يبلغه النسخ أو لم يثبته فنهى عن الانتباذ في الأوعية، ومنهم من اعتقد ثبوته وأنه ناسخ فرخص في الانتباذ في الأوعية) (٣).

والخلاصة: أن النهي عن الانتباذ في بعض الأوعية كان في أول الإسلام، وكان ذلك بعد تحريم الخمر، وكأن النهي عن ذلك كان سداً للذريعة، فلما تمكن في نفوسهم تحريم الخمر، ولم يكن كل الناس يجد سقاءً رخص لهم -رفعاً للحرج- في الانتباذ والشرب في الأوعية كلها،


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم للنووي ٧/ ٨٠.
(٢) هو بمعنى حديث علي -رضي الله عنه- وقد سبق تخريجه ص ١٤٣.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٨/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>