للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن قوله: (كان الثلاث واحدة) تحتمل أن يريد به: كان حكم الثلاث إذا وقعت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تجعل واحدة، وتحتمل أن يريد به: إن الناس في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يطلقون واحدة، فلما كان زمن عمر كانوا يطلقون ثلاثاً. وحاصله أن الطلاق الموقع في عهد عمر -رضي الله عنه- ثلاثاً كان يوقع قبل ذلك واحدة، لأنهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلاً أو كانوا يستعملونها نادراً، وأما في عصر عمر فكثر استعمالهم لها، فأمضاه عليهم عمر وأجازه أي صنع فيه من الحكم بإيقاع الطلاق ما كان يصنع قبله (١).

فيكون الخبر وقع عن اختلاف عادة الناس خاصة لا عن تغير الحكم في الواحدة (٢).

٣ - يحتمل أن جعل الطلاق الثلاث واحدة كانت في وقت كان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً، وقد نسخ ذلك (٣). فعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}، الآية (٤)، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً، فنسخ ذلك فقال:

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}


(١) انظر: السنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٥٥٤؛ الناسخ والمنسوخ لابن العربي ص ٧٦؛ فتح الباري ٩/ ٣١٦.
(٢) انظر: فتح الباري ٩/ ٣١٦.
(٣) انظر: السنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٥٥٣؛ فتح الباري ٩/ ٣١٥.
(٤) سورة البقرة، الآية (٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>