للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانتفاع بجلود الميتة إذا دبغت؛ لأن حديث عبد الله بن عكيم ليس فيه نهي عن استعمال المدبوغ، وإنما فيه النهي عن استعمال ما لم يدبغ، وهذا ما يبينه ويوافقه الأحاديث الدالة على الانتفاع بها بعد الدباغ.

وهذا ما يدل عليه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-؛ حيث قال: (وتحقيق الجواب أن يقال: حديث ابن عكيم ليس فيه نهي عن استعمال المدبوع. وأما الرخصة المتقدمة فقد قيل: إنها كانت للمدبوغ وغيره، ولهذا ذهب طائفة -منهم الزهري وغيره- إلى جواز استعمال جلود الميتة قبل الدباغ تمسكا بقوله المطلق في حديث ميمونة، وقوله: «إنما حرم من الميتة أكلها» (١) فإن هذا اللفظ يدل على التحريم، ثم لم يتناول الجلد. وقد رواه الإمام أحمد في المسند عن ابن عباس قال: ماتت شاة لسودة بنت زمعة فقالت: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ماتت فلانة، تعني الشاة. فقال: «فلو لا أخذتم مسكها؟» فقالت: آخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما قال {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} وإنكم لا تطعمونه. إن تدبغوه تنتفعوا به» فأرسلت إليها فسلخت مسكها فدبغته فاتخذت منه قربة حتى تخرقت عندها (٢).

فهذا الحديث يدل على أن التحريم لم يتناول الجلد، وإنما ذكر الدباغ لإبقاء الجلد وحفظه، لا لكونه شرطاً في الحل. وإذا كان كذلك فتكون الرخصة


(١) سبق تخريجه في ص ١٦٣.
(٢) سبق تخريجه في ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>