رابعاً: عن أسامة بن زيد-رضي الله عنهما-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركب على حمار، على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مرَّ بمجلس فيه عبد الله بن أبيّ بن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد لله بن أبيّ، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد الله بن رواحة. فلما غشيت المجلسَ عجاجةُ الدابة خمر عبد الله بن أبيّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبيّ بن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول. إن كان حقاً فلا تؤذنا به في مجالسنا. ارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك. فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي -صلى الله عليه وسلم- دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أيا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟ -يريد عبد الله بن أبيّ- قال كذا وكذا» قال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح عنه، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه