للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: أنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فعله أنه بال قائماً، وثبت عنه من فعله أنه كان يبول قاعداً، وكان ذلك عادته الغالبة، وروي عنه من قوله ما يدل على النهي عن البول قائماً، ثم ما روي عنه من البول قائماً من فعله يحتمل أن يكون لعذر، ويحتمل أن يكون لغير عذر بل للتشريع وبيان الجواز، وإذا احتمل بوله -صلى الله عليه وسلم- قائماً بين كونه عن عذر، وبين كونه عن غير عذر، دل ذلك على أنه خلاف الأولى، فكان تركه أولى (١).

ثانياً: أنه لا يصح ادعاء نسخ الأحاديث الدالة على جواز البول قائماً؛ وذلك لما يلي:

أ-أنه لا يوجد دليل يدل على تأخر أحاديث المنع من ذلك على أحاديث الإباحة، حتى تكون ناسخة لها، والنسخ لا بد فيه من دليل يدل على تأخر الناسخ، على ما يخالفه (٢).

ب-أنه يمكن الجمع بين هذه الأحاديث، وذلك بحمل ما ورد في النهي على الكراهة وخلاف الأولى، وبحمل ما يعارضه على الجواز، وما دام الجمع بين الأحاديث ممكناً فإنه لا يصار إلى النسخ، ولا إلى ترك بعضها (٣) والله أعلم.


(١) وبنحو هذا أفتى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية بالمملكة العربية السعودية حيث قالت: (لا يحرم تبول الإنسان قائماً، لكنه يسن له أن يتبول قاعداً) فتاوى اللجنة الدائمة ٥/ ١٠٦.
(٢) انظر: نواسخ القرآن ١/ ١٣٦؛ الاعتبار ص ٥٦.
(٣) انظر: نواسخ القرآن ١/ ١٣٥؛ الاعتبار ص ٤٩٥؛ فتح الباري ٤/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>