للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: أن القول بأن التغليس بصلاة الصبح منسوخ، مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصليها بغلس. ولا يوجد دليل يدل على أن الأمر بالإسفار كان بعد ما كان يغلس بها، وأنه لم يغلس بها بعد ذلك.

خامساً: أن القول بأن الإسفار بها منسوخ بالتغليس بها، له وجه واحتمال، لكنه ضعيف؛ وذلك لأن الحديث الدال على ذلك هو حديث أبي مسعود -رضي الله عنه- الذي فيه: « … وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، ولم يعد إلى أن يسفر». حيث إن في الاستدلال منه على النسخ يلزم القول بنسخ التغليس أولاً؛ لأن الإسفار جاء بعده، ثم نسخ الإسفار بالتغليس ثانياً، ولا قائل بذلك.

كما أن الزيادة المذكورة فيه والتي يُستدل منها على النسخ، زيادة من أحد الرواة قد تُكلم فيه، ثم هي مخالفة للأحاديث الدالة على الإسفار (١).

سادساً: ومن مجموع ما سبق يتبين أن التغليس بها أولى في أغلب الأحوال اتباعاً للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث كان أغلب أحواله التغليس، وكان أحياناً ينصرف منها حين تتميز الوجوه و تتعارف (٢).

والله أعلم.


(١) راجع الاعتراض على الاستدلال على نسخ الإسفار بصلاة الصبح.
(٢) انظر: إرواء الغليل ١/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>