خامساً: عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال:(أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا-والله أعلم- شأن القبلة قال الله تبارك وتعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥] فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، فقال:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢]. يعنون بيت المقدس، فنسخها فصرفه الله إلى البيت العتيق فقال:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٥٠])(١).
وفي رواية عنه -رضي الله عنه- قال: (إن أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعة عشر شهراً، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب قبلة إبراهيم عليه السلام، فكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله عز وجل:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤] يعني نحوه، فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٢٩٤، وقال: (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى -واللفظ له- ٢/ ١٩، والحازمي في الاعتبار ص ١٩٣.