حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، وترك السجود فيه لا يدل على الترك بالكلية، بل يحتمل أن ذلك كان لبيان جواز ترك السجود، أو أن زيداً -رضي الله عنه- لم يسجد وكان هو القارئ، لذلك لم يسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم الأحاديث الدالة على السجود في المفصل مثبتة، والمثبت مقدم على النافي (١).
الراجح
بعد عرض قولي أهل العلم في المسألة وما استدلوا به يظهر لي- والله أعلم بالصواب-ما يلي:
أولاً: إن القول بنسخ السجود في المفصل غير صحيح؛ لأن مبناه على أن السجود في المفصل كان بمكة، وأنه ترك ذلك بعد الهجرة، لكن هذا الأصل ضعيف وغير صحيح؛ لأنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سجد فيها بعد الهجرة، كما رواه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه- وغيره، فثبت بذلك أن القول بالنسخ غير صحيح.
ثانياً: أن الراجح هو القول الأول، وذلك:
أ- لصحة الأحاديث الدالة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد في سورة النجم، والانشقاق، والعلق.
ب- ولأن أدلة القول الثاني بعضها ضعيف لا يصلح للاحتجاج به، وبعضها صحيح لكن يرجح عليه الأحاديث المثبتة؛ لأنه إذا تعارض المثبت
(١) انظر: شرح معاني الآثار ١/ ٣٥٧؛ التمهيد ٦/ ٧٠؛ المنهاج شرح صحيح مسلم ٢/ ٢٣١؛ فتح الباري ٢/ ٦٨٦.