وعن أزهر -وكان من القوامين- أنه قال: رأيت في المنام امرأة لا تشبه نساء أهل الدنيا، فقلت لها: من أنت؟
قالت: حوراء ..
فقلت: زوجيني نفسك؟
قالت: اخطبني إلى سيدي وامهرني.
فقلت: وما مهرك؟
قالت: طول التهجد.
وقال الحسين الكرابيسي: بت مع الشافعي ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة آية، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله فيها، ولا بآية عذاب إلا تعوذ، وكأنما جمع له الرجاء والهيبة جميعا.
ويحكى أحمد بن أبي الحواري يقول: قال لي أبو سليمان الداراني: يا أحمد، إني محدثك بحديث فلا تحدثن به أحدا حتى أموت.
قال أحمد: وما هو؟
قال الداراني: نمت ذات ليلة عن وردي من صلاة الليل، فإذا أنا بحوراء تنبهني، وتقول: يا أبا سليمان، تنام عنا، وأنا أربى لك في الخدور منذ خمسمائة عام؟ أترقد عيناك والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم؟! بؤسا لعين آثرت لذة نوم على لذة مناجاة العزيز، قم -رحمك الله- فقد دنا الفراغ، ولقي المحبون بعضهم بعضا، فما هذا الرقاد؟
قال الداراني: فوثبت فزعا وقد عرقت استحياء من توبيخها إياي، وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي.
يقول ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة.
وعن حماد بن سلمة قال: قرأ ثابت البناني قوله تعالى {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا}[الكهف: ٣٧] وهو يصلي الليل فجعل يبكي وينتحب ويرددها.