عن كنانة بن جبلة السلمي قال: قال بكر بن عبد الله: إذا رأيت من هو أكبر منك، فقل: هذا سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل: سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني.
وعن يونس قال: سمعت محمد بن واسع يقول: لو كان يوجد للذنوب ريح ما قدرتم أن تدنوا مني، من نتن ريحي.
وقال مالك بن دينار: والله لو وقف ملك بباب المسجد وقال: يخرج شر من في السجد، لبادرتكم إليه.
وقال أيضًا: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا: وما هو؟ قال: معرفة الله عز وجل.
وقال له رجل: يا مرائي، قال: متى عرفت اسمي؟ ما عرف اسمي غيرك.
وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: مات سفيان الثوري عندي، فلم اشتد به جعل يبكي، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، ما أراك كثير الذنوب؟ فرفع سفيان شيئًا من الأرض، فقال: والله لذنوبي أهون عندي من ذا، إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت.
وها هو الإمام ابن الجوزي يبكي عند الموت فيقول له تلاميذه: يا إمام ألست قد فعلت كذا وكذا؟ فقال: والله إنني أخشى أن أكون فرطت ونافقت فيحق عليَّ قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤٨)} [الزمر: ٤٧ - ٤٨].
[سوء خاتمة المرائي]
قال منصور بن عمار رحمه الله: كان لي صديق مسرف على نفسه ثم تاب، وكنت أراه كثير العبادة والتهجد ففقدته أيامًا، فقيل لي: هو مريض.
فأتيت إلى داره فخرجت إلىَّ ابنته فقالت: من تريد؟ قلت: فلانًا، فاستأذنت لي، ثم دخلت فوجدته في وسط الدار، وهو مضطجع على فراشه، وقد اسود وجهه، وأذرفت عيناه، وغلظت شفتاه، فقلت له وأنا خائف منه: يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله ففتح