للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جن جنوني وطردت أمي من البيت في لحظة غضب، فخرجت وهي تبكي، وتقول: أسعدك الله يا ولدي!! وبعد ذلك بساعات خرجت أبحث عنها ولكن بلا فائدة، رجعت إلى البيت واستطاعت زوجتي بمكرها وجهلي أن تنسيتي تلك الأم الفاضلة الغالية.

انقطعت أخبار أمي عني فترة من الزمن أصبت خلالها بمرض خبيث دخلت على أثره المستشفى، وعلمت أمي بالخبر فجاءت تزورني، وكانت زوجتي عندي، وقبل أن تدخل عليّ طردتها زوجتي وقالت لها: ابنك ليس هنا، ماذا تريدين منا، اذهبي عنا. رجعت أمي من حيث أتت.

وخرجت من المستشفى بعد وقت طويل انتكست فيه حالتي النفسية وفقدت الوظيفة والبيت وتراكمت علي الديون وكل ذلك بسبب زوجتي .. فقد كانت ترهقني بطلباتها الكثيرة، وفي آخر المطاف ردت زوجتي الجميلة وقالت: ما دمت قد فقدت وظيفتك ومالك ولم يعد لك مكان في المجتمع فإني أعلنها لك صريحة: أنا لا أريدك، طلقني.

كان هذا الخبر بمثابة صاعقة وقعت على رأسي، وطلقتها بالفعل، فاستيقظت من السبات الذي كنت فيه.

خرجت أهيم على وجهي أبحث عن أمي، وفي النهاية وجدتها ولكن أين وجدتها؟ كانت تقبع في أحد الأربطة تأكل من صدقات المحسنين، دخلت عليها وجدتها قد أثر عليها البكاء فبدت شاحبة وما إن رأيتها حتى ألقيت بنفسي عند رجليها وبكيت بكاء مرا، فما كان منها إلا أن شاركتني البكاء.

بقينا على هذه الحالة حوالي ساعة كاملة بعدها أخذتها إلى البيت وآليت على نفسي أن أكون طائعا لها، وقبل ذلك أكون متبعا لأوامر الله ومجتنبًا لنواهيه.

وها أنا الآن أعيش أحلى أيامي وأجملها مع حبيبة العمر: أمي حفظها الله، وأسأل الله أن يديم علينا الستر والعافية (١).

[الجزاء]

غذوتك مولودا وعلتك يافعا ... تعل بما أسدى إليك وتنهل


(١) العائدون إلى الله ٢٤، ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>