للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصدق، لا يبخل على عباد الله بنعمة، فنمت تجارته، وزاد ماله، وأصبح ذا ثروة طائلة، ولم يكن له أعداء.

أما الابن الآخر، فقد سلك طريق الغواية حتى أهلك ثروته في الخمر والميسر والزنا، فنفدت أمواله، حتى صار فقيرًا، لا يجد ما يقتات به، ومع ذلك كان أخوه كثير العطف عليه، يؤويه ويقدم له ما يحتاج إليه.

لكن كان هذا الشرير يحسد أخاه على ما آتاه الله من فضله، وفكر في طريقة يضيع بها ثروة أخيه حتى يسير مماثلاً له في الفقر، وبذلك يطمئن قلبه، فلا يعايره الناس بفقره، فصار يجتهد في الوصول إلى حيلة ينفذ بها غرضه الدنيء حتى اهتدى إلى رجل حسود، اشتهر بحسده، وقليل من الناس من ينجو من الحسد.

ولكن هذا الحاسد ضعيف البصر، لا يكاد يرى إلا عن قرب، فذهب الأخ الأكبر إلى هذا الرجل المشهور بحسده وطلب منه حسد أموال أخيه، مقابل أجر يدفعه عند هلاك ثروته، وأخذه إلى طريق كانت تمر به تجارة أخيه، فنبه الأخ الأكبر الرجل الحسود إليها (التجارة) قائلاً: استعد فقد قربت تجارة أخي وصارت على بعد ميل واحد منا.

فقال الرجل الحسود: يا لقوة بصرك! أتراها على هذا البعد يا ليت لي بصر قوي مثل بصرك!

فشعر الرجل بألم في رأسه وأظلمت عيناه، وعمي في الحال، ومرت تجارة أخيه سالمة لم يمسها سوء.

[لا تحسد أخاك]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" أو قال: "العشب" [رواه أبو داود].

اصبر على كيد الحسود ... فإن صبرك قاتله

النار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله

وقال الحسن: يا ابن آدم: لا تحسد أخاك؟ فإن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه فلِمَ تحسد من أكرمه الله؟ وإن كان غير ذلك، فلِمَ تحسد من مصيره إلى النار؟

<<  <  ج: ص:  >  >>