ويقول أبو حامد الغزالي: فتبعتهم فالتفت إلى كبيرهم، وقال: ويحك ارجع، وإلا هلكت، فقلت: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد على تعليقتي فقط، فما هي بشيء تنتفعون به، فقال لي: وما هي تعليقتك؟ قلت: كتب في مخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها، فضحك وقال: كيف تدعي أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم؟ ثم أمر بعض أصحابه فسلم إلى المخلاة.
قال أبو حامد: فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به أمري، فلما وافيت طوس أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين حتى حفظت جميع ما علقته، وصرت بحيث لو قطع علي الطريق لم أتجرد من علمي.
[نتيجة الفهم الصحيح والثقافة الواعية]
يحكي الإمام ابن القيم عن فقه الإمام ابن تيمية العميق للإسلام في ترتيب الأولويات فيقول: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي، فقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء تصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم (١).
ولما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم الرسول على تغيير البيت ورده إلى قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر.
فقال الرسول للسيدة عائشة:"يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم -قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس، وباب يخرجون"[البخاري].
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله:"باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه".
[السعادة]
كان عبد البديع صقر كثيرا ما يجتمع مع أضرابه وإخوانه في بيت الإمام حسن البنا -عليه رحمة الله- لتدارس بعض الكتب في التفسير والسلوك، ككتاب إحياء علوم الدين