نفسه، فأخذه وأمره أن يحضر أهل الصفة (جماعة من فقراء المسلمين في المسجد) فجاء بهم وشربوا عشرة عشرة ثم شرب.
والحياء يكون مع الفقير فلا يسأل الناس شيئا؛ ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس، ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس"[متفق عليه].
فالفقير لا يسأل الناس شيئا وإنما يجتهد في أي عمل ليحصل على قوته بدلا من أن يسأل الناس، ولا تحل الصدقة للغني ولا للقوي، ومن حق ولي الأمر أن يؤدب كل صحيح قادر على التكسب يريد أن يعيش عالة على المجتمع، متخذا من سؤال الناس حرفة له.
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلا من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله شيئا فقال:"أما في بيتك شيء؟ " قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب (كوب) نشرب فيه الماء. قال - صلى الله عليه وسلم -:" ائتني بهما" .. فأتاه بهما فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال:"من يزيد على درهم؟ " مرتين أو ثلاثا، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال - صلى الله عليه وسلم -:"اشتر بأحدهما طعاما وانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوما فأتني به" .. فشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عودا بيده ثم قال له:"اذهب فاحتطب وبع .. ولا أرينك خمسة عشر يوما"، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاءه وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا، وببعضها طعاما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة؟ إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع (شديد)، أو لذي غرم مفظع (دين ثقيل) أو لذي دم موجع (الدية الباهظة). [أصحاب السنن].
[مواقف لا تتنافى مع الحياء]
النساء قلن صراحة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك" فوعدهن يوما، فلقيهن فيه ووعظهن وأمرهن. [رواه البخاري].
وقالت أم عطية رضي الله عنها: "غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى" [رواه مسلم].
فيجوز للمرأة المشاركة في الأعمال العامة ومجالس العلم، والاستماع إلى المحاضرات