للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أردت أن أحكم لأحدهما قدم الآخر حجته وأدلته، فضحك الحاضرون.

[ما تقول في المسكر؟]

جاء رجل إلى إياس بن معاوية وقال له: ما تقول في المسكر؟ قال: حرام، قال: وما وجه حرمته، وهو لا يزيد عن كونه ثمرًا وماء غليا على النار، وكل ذلك مباح لا شيء فيه؟ فقال: أفرغت من قولك؟ أبقى لديك ما تقوله؟ فقال الرجل: بل فرغت، فقال إياس: لو أخذت كفا من ماء وضربتك به أكان يوجعك. قال: لا، فقال: ولو أخذت كفًا من تراب فضربتك به أكان يوجعك؟ قال: لا، فقال: ولو أخذت كفا من تبن فضربتك به أكان يوجعك؟ قال: لا، فقال: فلو أخذت التراب ثم طرحت عليه التبن، وصببت فوقهما الماء ثم مزجتها مزجا، ثم جعلت الكتلة في الشمس، حتى يبست، ثم ضربتك بها أكانت توجعك؟ قال: نعم، وقد تقتلني، فقال: هكذا شأن الخمر، فهو حين جمعت أجزاؤه وخُمر، حرم (١).

[الفراسة]

عن عبد الله بن مسعود قال: أفرس الناس ثلاثة: صاحبة موسى التي قالت: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦]، وصاحب يوسف حيث قال: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: ٢١]، وأبو بكر حين استخلف عمر.

[السارق الحقيقي]

ذهب بعض الناس إلى قاض، وقالوا له: لقد سُرق أحد التجار، وأمسكنا هذين الرجلين، ونشك فيهما، ولا نعرف أيهما السارق، فأمر القاضي الجميع بالانتظار بحجة أنه يريد أن يشرب الماء، وطلب من خادمه أن يحضر زجاجة ماء، ولما أحضرها أخذها القاضي ورفعها إلى فمه، وبدأ يشرب، وفجأة ترك القاضي الزجاجة، فسقطت على الأرض وانكسرت، وأحدثت صوتًا مفزعًا، واندهش الحاضرون من تصرف القاضي المفاجئ، بينما أسرع القاضي نحو أحد الرجلين، وأمسكه، وقال له: أنت السارق، وأصر على ذلك، حتى اعترف الرجل ثم سأله: كيف عرفت أنني السارق؟ فقال القاضي: لأنك


(١) صور من حياة التابعين ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>