للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما، حاول أن يتداركه في الآخر، وأقسم الله تعالى في مطالع سور عديدة من القرآن المكي بأجزاء معينة من الوقت مثل: الليل والنهار والفجر والضحى والعصر .. ومن المعروف لدى المفسرين أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه فذلك ليلفت أنظارهم إليه.

[خصائص الوقت]

١ - سرعة انقضائه:

فهو يمر مر السحاب ويجري جري الريح، سواء أكان زمن مسرة وفرح أم كان زمن اكتئاب وترح، وإن كانت أيام السرور تمر أسرع، وأيام الهموم تسير ببطء، لا في الحقيقة ولكن في شعور صاحبها، ومهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة الدنيا فهو قصير، ما دام الموت هو نهاية كل حي، ورحم الله الشاعر الذي قال:

وإذا كان آخر العمر موتا ... فسواء قصيره والطويل

ويحكي عن شيخ المرسلين نوح عليه السلام أنه جاءه ملك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده، فسأله: يا أطول الأنبياء عمرا، كيف وجدت الدنيا؟ فقال: كدار لها بابان؛ دخلت من أحدهما، وخرجت من الآخر.

يا من باع الدرر واشترى الخزف!

يقول ابن الجوزي: كأنك بالموت وقد خطف ثم عاد إلى الباقي وعطف، فتنبه لنفسك يا ابن النطف، فقد حاذى الرامي الهدف، إلى كم تسير في أسف؟ ليت هذا العزم وقف، تؤخر الصلاة ثم تسيئها كالبرق إذا خطف، أتجمع سوء كيلة مع حشف؟ الجسد أتى والقلب انصرف، يا من باع الدرر واشترى الخزف، ابسط بساط الحزن على رماد الأسف، عليك حافظ وضابط، ليس بناس ولا غالط، يكتب الألفاظ السواقط، وأنت في ليل الظلام خابط.

٢ - أن ما مضى منه لا يعود ولا يعوض:

قال الحسن البصري: "ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".

ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب

<<  <  ج: ص:  >  >>