وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء، وابن جرير الطبري وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهم- قال: أنزلت {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}[الزلزلة: ١] وأبو بكر قاعد يبكي، فقال له رسول الله:"ما يبكيك يا أبا بكر؟ " قال: تبكيني هذه السورة، فقال:" لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم، لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم".
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأحمد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧ - ٨] فقال: حسبي، لا أبالي ألا أسمع من القرآن غيرها.
وأخرج سعيد بن منصور عن المطلب بن عبد الله أن رسول الله قرأ في مجلس ومعهم أعرابي جالس: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧ - ٨] فقال الأعرابي: يا رسول الله! أمثقال ذر؟ قال:"نعم"، فقال الأعرابي: واسوأتاه! ثم قام وهو يقولها، فقال رسول الله:"لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان".
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن عائشة جاءها سائل فسأل، فأمرت له بتمرة، فقال لها قائل: يا أم المؤمنين إنكم لتتصدقون بالتمرة؟ قالت: نعم والله! إن الخلق كثير ولا يشبعه إلا الله، أوَليس فيه مثاقيل ذر كثير؟
وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن برقان قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب أتاه مسكين وفي يده عنقود من عنب فناوله منه حبة وقال: فيه مثاقيل ذر كثيرة.
[ليس لي عذر]
الشيخ الأعرج عمرو بن الجموح - رضي الله عنه - يأبى إلا أن يخرج للمشاركة في غزوة أحد مع أن الله عذره في كتابه حين قال:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[الفتح: ١٧] ومع أن له أربعة بنين يشهدون المعارك خلفا له مع رسول الله، ولكنه يسعى وراء أمنية غالية هي الشهادة، وقد حققها الله له.
وعن أنس أن أبا طلحة قرأ سورة براءة، فأتى على هذه الآية:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٤١] فقال: أي بَني .. جهزوني (أي بعدة الحرب) فقال له بنوه: يرحمك الله .. فقد غزوت مع النبي حتى مات، فنحن نغزو