للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلا، وكانوا في حدود الأربعين من الأشخاص، فيدركهم الجوع، فيطعمهم جميعا طعاما بسيطا "على ما قسم الله" وأحيانا ينسى الإمام أن يجهز لهم شيئا فيقول: "اذهبوا إلى المطبخ فكلوا ما وجدتم أو اصبروا" فكانوا في نشوة الفرح باللقاء والمشغلة بالعلم النافع لا يقيمون وزنا لهذه الاعتبارات، ويتقاسمون الرغيف اليابس وهم في غاية السعادة (١).

[من نماذج العلماء]

يقول البخاري عن نفسه: لقيت أكثر من ألف رجل، لأهل الحجاز والعراق والشام ومصر، ولقيتهم مرات، أهل الشام ومصر مرتين والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع مرات، ومكثت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي خراسان.

وكتب البخاري الحديث وسمعه عن ألف وثمانين من الشيوخ وحفاظ الحديث (٢).

وعن عيسى الخياط عن الشعبي قال: لو أن رجلا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبله من عمره رأيت أن سفره لم يضع.

وقال الشعبي: العلم كثر من عدد القطر فخذ من كل شيء أحسنه.

وكان عبد الله بن المبارك يكثر الجلوس في بيته فقيل له: ألا تستوحش؟

فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي.

وقال شقيق بن إيراهيم: قيل لابن المبارك: إذا صليت معنا لم تجلس معنا؟

قال: أذهب أجلس مع الصحابة والتابعين.

قلنا له: ومن أين الصحابة والتابعون؟

قال: أذهب أنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعمالهم، ما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس.

وقيل لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن، إلى متى تكتب هذا الحديث؟

فقال: لعل الكلمة التي أنتفع بها ما كُتبت.


(١) حكايات عن الإخوان (٢/ ٥٧، ٥٨).
(٢) أعلام المسلمين ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>