عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: كنا في غزاة لنا، فحضر العدو، فصيح في الناس فهم يثوبون إلى مصافهم، فإذا رجل أمامي، رأس فرسي عند عجز فرسه، وهو يخاطب نفسه ويقول: أي نفسُ الم أشهد كذا وكذا؟ فقلتِ لي: أهلك وعيالك فأطعتك ورجعت؟ ألم أشهد مشهد كذا وكذا؟ فقلت لي: أهلك وعيالك فأطعتك ورجعت؟ والله لأعرضنك اليوم، أخذك أو تركك، فقلت: لأرمقنه اليوم، فرمقته، فحمل الناس على عدوهم، فكان في أوائلهم، ثم إن العدو حمل على الناس فانكشفوا فكان في حماتهم، ثم إن الناس حملوا فكان في أوائلهم، ثم حمل العدو، وانكشف الناس فكان في حماتهم، وقال: فوالله ما زال ذلك دأبه حتى رأيته صريعًا، فعددت به وبدابته ستين أو أكثر من ستين طعنة.
[إيجابية الغلام]
عن صهيب الرومي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلامًا أعلمه السحر فبعث إليه غلامًا يعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب، وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة، قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل، فأخذ حجرًا، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فأقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستُبتلى، فإن ابتليت فلا تدل عليَّ، وكان الغلام يبريء الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عمى، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك، فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال ربي قال: ولك رب غيرى؟ قال: رب وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجىء بالغلام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص،