ويقول البنا: أهم الأغراض التي تجب على الأمة الإسلامية حيال القرآن الكريم ثلاثة مقاصد:
أولها: الإكثار من تلاوته، والتعبد بقراءته، والتقرب إلى الله تبارك وتعالى.
وثانيها: جعله مصدرا لأحكام الدين وشرائعه، منه تؤخذ وتستنبط وتستقي وتتعلم.
وثالثها: جعله أساسا لأحكام الدنيا، منه تستمد وعلى مواده الحكيمة تطبق.
تلك أهم المقاصد والأغراض التي أنزل الله لها كتابه وأرسل به نبيه وتركه فينا من بعده واعظا مذكرا وحكما عدلا وقسطاسا مستقيما، ولقد فهم السلف -رضوان الله عليهم- هذه المقاصد فقاموا بتحقيقها خير قيام، فكان منهم من يقرأ القرآن في ثلاث ومنهم من يقرأه في سبع ومنهم من يقرأه في أقل من ذلك أو أكثر .. ولقد كان بعضهم إذا شغل عن ورده من القرآن نظر في المصحف وقرأ بعض الآيات الكريمة، وقال: حتى لا أكون ممن اتخذوا القرآن مهجورا، فكان القرآن ربيع قلوبهم وورد عبادتهم، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ورضي الله عن الخليفة الثالث الذي لم يترك المصحف والحصار على بابه والسيف على عنقه (١).
[ذكر الله]
قال ابن عون المصري: أما يستحي أحدكم أن تكون دابته التي يركب، وثوبه الذي يلبس، أكثر ذكرا لله منه؟
ويقول ابن الجوزي: يا معشر المذنبين، تأسوا بأبيكم في البكاء، تفكروا كيف باع دارا قد ربى فيها وضاع الثمن، لا تبرحوا من باب الذل، فأقرب الخطائين إلى العفو المعترف بالزلل، ما انتفع آدم في بلية {وَعَصَى}[طه: ١٢١] بكمال {وَعَلَّمَ}[البقرة: ٣١] ولا رد عنه عز {واسْجُدُوا}[البقرة: ٣٤] وإنما خلصه ذل {ظَلَمْنَا}[الأعراف: ٢٣].
[قيام الليل]
كان لسعيد بن جبير ديك كان يقوم الليل بصياحه، قال: فلم يصح ليلة من الليالي حتى أصبح فلم يصل سعيد تلك الليلة، فشق عليه فقال: ما له قطع الله صوته؟