وذوي الدخل المحدود قبل كل شيء، ليكون هذا المرعى المجاني مصدرا لزيادة ثروتهم الحياتية، وزيادة دخلهم منها، ليستغنوا بذلك عن طلب المعونة من الدولة، وهذا الهدف واضح في وصية عمر للذي ولاه على هذا الحمى للإشراف عليه، فقد قال له: اضمم جناحك عن الناس، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصُّريمة والغنيمة (الصريمة: الإبل القليلة، الغنيمة: الغنم القليلة) ودعني من نعم ابن عفان، ونعم ابن عوف (أي إبل الأثرياء وغنمهم) فإنهما إن أهلكت ماشيتهما رجعا إلى نخل وزرع (أي لهم ثروات ومصادر أخرى للدخل) وإن هذا المسكين (أي رب الصريمة والغنيمة) إن هلكت ماشيته جاءني ببنيه، يصرخ: يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبا لك؟ فالكلأ أيسر علي من الذهب والورق (النقود الفضية).
فتجب عناية الدولة الإسلامية بذوي المال القليل والدخل الضئيل، وإتاحة الفرصة ليكسبوا ولو كان ذلك بالتضييق على ذوي الثروات الكبيرة وحرمانهم مما يتيح للفئات الضعيفة من وسائل الكسب، وكل إنسان في كنف الدولة الإسلامية من حقه إن هلك مصدر دخله وضاع مورد رزقه أن يصرخ في وجه الحاكم المسئول مطالبا بحقه وحق بنيه في خزانة الدولة والسياسة الراشدة هي التي تعمل على توفير مصادر الدخل للفقراء لتستغني بجهدهم عن طلب المعونة، وتكليفها عبء الإنفاق عليهم من خزانتها.
هل تحرص على العدل بين الموظفين في العمل، وبين أولادك في المنزل؟
[عدل يفوق الخيال]
في أثناء الفتوح الإسلامية حاصر جيش المسلمين مدينة سمرقند وكانت مدينة حصينة ومنيعة، يصعب على أي جيش أن يدخلها مهما كان قويًا بسبب حصونها وقلاعها، ولما طال الحصار فكر قائد جيش المسلمين قتيبة بن مسلم في خطة ليدخل المدينة، وبدأت الخطة بأن دخل عدد من جنود المسلمين الشجعان في هيئة تجار يبيعون سلعًا وبضائع، وبعد أن صاروا داخل المدينة هاجموا الحصون والقلاع واستولوا عليها، ثم فتحوا الأبواب، فدخل بقية جيش المسلمين، واستسلم عندئذ أهل سمرقند وسقطت المدينة في أيدي المسلمين.
واجتمع أهل سمرقند عند كبير الكهنة، وسألوه النصيحة، فقال لهم: "سأطالب