كان عبد الله بن المبارك عابدًا مجتهدًا، وعالمًا بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير، وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المبارك؟ ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه. فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله: أي شيء يقول العاطس إذا عطس؟ فقال الرجل: الحمد لله، عنذئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله.
[الرجل المجادل]
في يوم من الأيام، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له: كيف يكون إبليس مخلوقًا من النار، ويعذبه الله بالنار؟! ففكر الإمام الشافعي قليلا، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب، فقال له: هل أوجعتك؟
قال: نعم، أوجعتني.
فقال الشافعي: كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟! فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله تعالى من نار، وسوف يعذبه بالنار.
[الشكاك]
جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟
فقال ابن عقيل: اذهب فقد سقطت عنك الصلاة، فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟
فقال ابن عقيل: لأن النبي قال: "رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ" ومن ينغمس في الماء مرارا مثلك ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون.