للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسأل أثرا بعد عين، فأسلما ثم خرجا، فأتيا النبي بأحد، فإذا الدولة للمسلمين، فأغارا مع المسلمين في النهب، وقاتلا أشد القتال، وكانت قد انفرقت فرقة من المشركين، فقال النبي: من لهذه الفرقة؟ قال وهب: أنا، فرماهم بالنبل حتى انصرفوا، ثم رجع فانفرقت أخرى، فقال النبي: من لهذه؟ فقال المزني: أنا، فقام فذبها بالسيف حتى ولوا ورجع المزني، ثم طلعت كتيبة أخرى فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فقال المزني: أنا، فقال: قم وأبشر بالجنة.

فقام المزني مسرورا يقول: والله لا أقيل ولا أستقيل، فجعل يقوم فيها فيضرب بالسيف حتى يخرج من أقصاهم، حتى قتلوه ومثلوا به، ثم قام ابن أخته الحارث، فقاتل كنحو قتاله حتى قتل، فوقف عليهما رسول الله، وهما مقتولان فقال: "رضي الله عنك فإني عنك راض -يعني: وهبا- ثم قام على قدميه وقد ناله ما ناله من الجرح، وإن القيام ليشق عليه، فلم يزل قائما حتى وضع المزني في لحده، فكان عمر وسعد بن مالك يقولان: ما حال نموت عليها أحب إلينا من أن نلقى الله على حال المزني (١).

[قوة لرد الحق لأهله]

نهب أحد الأمراء المماليك وجنوده دارا لأحد المصريين، فذهب الناس يشكون أمرهم إلى الشيخ الدرديري فنادى فيهم: أنا معكم وغدا نجمع الشعب من كل مكان في الحارات والضواحي وبولاق ومصر القديمة وأركب معكم، وننهب بيوتهم كما نهبوا بيوتنا، ونموت شهداء أو ينصرنا الله عليهم.

وبالفعل أمر بدق الطبول إيذانا بالاستعداد للقتال، وأسرع الناس نحو الأزهر ملبين للجهاد، ولما علم الأمير إبراهيم بك أرسل نائبه يعتذر للشيخ الدرديري ويطلب منه قائمة بما نهبه الأمراء لردها فوافق الشيخ (٢).

[الكلوب الخطير]

دعى الإمام الشهيد إلى حفل في مدينة الزقازيق، وكانت الإضاءة بواسطة الكلوبات، فهوى أحدها إلى الأرض محشرجا مدخنا، يكاد ينفجر، ولو انفجر لدمر السرادق، ولكان الحريق مروعا، وهرول الناس مبتعدين عن هذا الكلوب الخطر، وفي كل بساطة، وثقة،


(١) المصدر نفسه ٢٥٠.
(٢) مائة موقف من حياة العظماء١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>