المطلوب وقال في نفسه: إن أنا خرجت من بين هذا الخلق افتضحت على رؤوس بني إسرائيل، وإن قعدت معهم منعوا لأجلي فأدخل رأسه في ثيابه نادمًا على فعاله وقال:
إلهي وسيدي عصيتك أربعين سنة وأمهلتني وقد أتيتك طائعًا فاقبلني، فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب.
فقال موسى: إلهي وسيدي بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد؟ فقال: يا موسى سقيتكم بالذي منعتكم. فقال موسى: إلهي أرني هذا العبد الطائع. فقال: يا موسى إني لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني.
[توبة هارون الرشيد]
حكي عن أبي يوسف -رحمه الله- أنه أُشهد عنده أمير من عظماء جيش أمير المؤمنين هارون الرشيد، وكان من أقربائه، فلم يقبل شهادته، فشكا إلى هارون، فقال هارون: لم رددت شهادته؟
قال: لأني سمعته يومًا بين يديك يقول: أنا عبد أمير المؤمنين، فإن كان صادقًا؛ فلا شهادة للعبد، وإن كان كاذبًا؛ فلا شهادة للكاذب.
فقال هارون: إن شهدت فهل تقبل شهادتي؟ قال: لا.
فقال: ولم؟ قال: لأنك تتكبر على الله فلا تخرج إلى الجماعة، ولا تصلي مع عامة المسلمين، وهذا تكبر على الله، ولا يليق بالعبد هذا.
فتاب هارون على ذلك، واتخذ مسجدًا للعامة على بابه، وكان يخرج إليه عند كل صلاة.
[توبة مالك بن دينار]
روي عن مالك بن دينار أنه سئل عن سبب توبته، فقال: كنت شرطيا وكنت منهمكا على شرب الخمر، ثم إنني اشتريت جارية نفيسة، ووقعت مني أحسن موقع، فولدت لي بنتا، فشغفت بها، فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا، وألفتني وألفتها، قال: فكنت إذا وضعت المسكر بين يدي جاءت إلي وجاذبتني عليه وهرقته على ثوبي، فلما تم لها سنتان ماتت، فأكمدني حزنها، فلما كانت ليلة النصف من شعبان، وكانت ليلة الجمعة، بت ثملا من الخمر، ولم أصل فيها العشاء الآخرة، فرأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت، ونفخ في