فقال له سلمان: لا حتى أبلغ منزلك، قد نويت فيه نية فلا أضعه حتى أبلغ بيتك.
فالمسلم يجدد نيته لله تبارك وتعالى في كل أعماله.
[شهادة عدي]
يقول عدي بن حاتم: ذهبت لرؤية محمد بن عبد الله، وكنت أظن أني سألقي ملكا في المدينة، دخلت عليه وهو في المسجد فسلمت عليه فقال: من الرجل؟ فقدت: عدي ابن حاتم، فقام، وانطلق بي إلى بيته فوالله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف طويلا تكلمه في حاجتها قال: فقلت: والله ما هذا بملك، قال: ثم مضى بي حتى إذا دخل بي إلى بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إليَّ فقال:"اجلس على هذه"، قال: قلت: بل أنت فاجلس عليها، فقال:"بل أنت"، فجلست عليها وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأرض. وقال: قلت في نفسي والله ما هذا بأمر ملك.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كريما مع ضيوفه وينزل الناس منازلهم؛ وهذه هي الدعوة إلى الله.
[مواقف رائعة]
كان القاضي يحيى بن أكثم في ضيافة المأمون، فقام الخليفة المأمون لإحضار ماء له، فاندهش يحيى من ذلك، فكيف يأتي له أمير المؤمنين بالماء ويخدمه وهو جالس في مكانه، فلما رأى المأمون علامات الاستفهام على وجه يحيى قال له: سيد القوم خادمهم (١).
وقال رجل لأحمد بن حنبل: جزاك الله عن الإسلام خيرا، فتغير وجهه وقال: بل جزى الله الإسلام عني خيرا، من أنا وما أنا؟ من أنا وما أنا؟
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر ... على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه ... على طبقات الجو، وهو وضيع