من الشباب والرجال والعجائز وذوي اللحى وكان عددهم كبيرًا يتقدمهم حملة المصاحف الكبرى.
فقال أحمد حسنين باشا للشيخ حسن البنا: بالله عليكم كيف جمعتم كل هؤلاء من أقصي البلاد؟ إننا في الكشافة المصرية نقدم لهم كل التسهيلات والملابس والنفقات، ومع ذلك لا يجتمعون علينا إلا بشق النفس، فماذا فعلت مع كل هؤلاء؟
فضحك الإمام البنا وقال لرئيس الكشافة المصرية: شيء يسير جدًا .. قلنا لهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فجاءوا وعلى نفقتهم الخاصة .. فسكت الرجل. (١)
يقول البنا: لقد آمنا إيمانًا لا جدال فيه ولا شك معه، واعتقدنا عقيدة أثبت من الرواسي، وأعمق من خفايا الضمائر، بأنه ليس هناك إلا فكرة واحدة هي التي تنقذ الدنيا المعذبة، وترشد الإنسانية الحائرة، وتهدي الناس سواء السبيل، وهي لذلك تستحق أن يضحي في سبيل إعلانها والتبشير بها وحمل الناس عليها بالأرواح والأموال، وكل رخيص وغال، هذه الفكرة هي الإسلام الحنيف الذي لا عوج فيه، ولا شر معه، ولا ضلال لمن اتبعه {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران: ١٨]، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
ففكرتنا لهذا إسلامية بحتة، علي الإسلام ترتكز، ومنه تستمد، وله تجاهد، وفي سبيل إعلاء كلمته تعمل، لا تعدل بالإسلام نظامًا، ولا ترضي سواه إمامًا، ولا تطيع لغيره أحكامًا {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: ٨٥].
[لا تحزن والله معك]
قال محمد بن أبي عمران: سأل رجلٌ حاتم الأصم: على ما بنيت أمرك هذا في التوكل على الله؟