الكون إلا عن صدى النداء المعظم "الله أكبر"، بحثت عن الأخ الجريح، فوجدت مشهدًا مؤثرًا بالغ الروعة، وجدته مرتميًا فوق جثة أحد الصهاينة ويداه مطبقتان على عنقه والصهيوني جاحظ عيناه، قد فارق الحياة.
جذبت الأخ برفق فإذا خنجره في صدره، لقد صمم على الشهادة فنالها، وأراد سبيل الله فمضى فيها.
وبصعوبة بالغة استطعت أن أنزع يديه عن عنق الصهيوني، وكأنهما أصبحا قطعة واحدة (١).
[نموذج المجاهد]
يقول البنا: أستطيع أن أتصور المجاهد شخصًا قد أعد عدته وأخذ أهبته، وقلَّب عليه الفكر فيما هو فيه نواصي نفسه وجوانب قلبه، فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام على قدم الاستعداد أبدًا، إن دُعي أجاب، أو نودي لبى، غدوه ورواحه وحديثه وكلامه وجده ولعبه، لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له، ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته، يجاهد في سبيلها، تقرأ في قسمات وجهه، وترى في بريق عينيه، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطرم في قلبه من جوى لاصق وسر دفين، وما تفيض به نفسه من عزم صادق وهمة عالية وغاية بعيدة.
أما المجاهد الذي ينام ملء جفنيه، ويأكل ملء ماضغيه، ويضحك ملء شدقيه، يقضي وقته لاهيًا عابثًا ماجنًا، فهيهات أن يكون من الفائزين أو يكتب في عداد المجاهدين.
[خطبة ثورية]
خطب الشيخ الشهيد أحمد ياسين ذات مرة، وكان يبدو منفعلاً فجاءت كلماته رصاصًا في قلب الأعداء، بردًا وسلامًا على قلوب الأحباب والإخوان، قال رحمه الله: والآن وقد بدأت الصحوة الإسلامية في الشرق وفي الغرب، وفي كل مكان فلابد لكل مسلم أن يسأل نفسه: ما هو دوري في هذه الصحوة؟ وما هو دوري في معركة الإسلام؟ أين أقف الآن؟ وما هو موقفي؟ إنه ليس من الحكمة أن نقف -فقط- ونلعن الظلام، بل لابد أن نضيء الشموع لنطرد الظلام ونبدد الحلكة. إن دعوة الله أمانة وهي بين أيدينا، فعلينا أن نبلغها للناس