صدرا، ولا يستثقلها كذلك، وهو يؤمن أن الله الذي فرضها عليه أعلم بحقيقة طاقته، ولو لم تكن في طاقته ما فرضها عليه، ومن شأن هذا التصور -فضلا عما يسكن في القلب من راحة وطمأنينة وأنس- أن يستجيش عزيمة المؤمن للنهوض بتكاليفه وهو يحس أنها داخلة في طوقه، ولو لم تكن داخلة في طوقه ما كتبها الله عليه، فإذا ضعف عن نفسه وهم همة جديدة للوفاء، ما دام داخلا في مقدوره، وهو إيحاء كريم لاستنهاض الهمة كلما ضعفت على طول الطريق، فهي التربية كذلك لروح المؤمن وهمته وإرادته، فوق تزويد تصوره بحقيقة إرادة الله به في كل ما يكلفه (١).
[٢ - رحمة الرسول بأمته]
عن ثوبان - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله قال:"زويت لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطيت الكنزين الأصفر أو الأحمر والأبيض (يعني الذهب والفضة) وقيل لي: إن ملكك حيث زوي لك، وإني سألت الله عز وجل ثلاثا: ألا يسلط على أمتي جوعا، فيهلكهم به عامة، وألا يلبسهم شيعا، ويذيق بعضهم بأس بعض، وأنه قيل لي: إذا قضيت قضاء فلا مرد له، وإني لن أسلط على أمتك جوعا فيهلكهم، ولن أجمع عليهم من بين أقطارها، حتى يفني بعضهم بعضا، ويقتل بعضهم بعضا. وإذا وضع السيف في أمتي، فلن يرفع عنهم إلى يوم القيامة، وإن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين، وستعيد قبائل من أمتي الأوثان، وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين"[رواه ابن ماجه].
وهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - رحمة بأمته بل أمن الله المشركين من العذاب في الدنيا ما دام فيهم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك مع استعجالهم له فقال سبحانه:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}[الأنفال: ٣٣] مع أنهم طلبوا العذاب قائلين: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢)} [الأنفال: ٣٢].
[٣ - الرحمة بالمؤمنين]
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"[رواه الترمذي]. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا تنزع الرحمة إلا من شقي"[رواه الترمذي].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي -رضي الله عنهما-