العفو من أعظم الصفات التي يتحلى بها المسلم، وقد وصف الله نفسه بالعفو وأمر عباده أن يتصفوا به، قال تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩].
من أسماء الله الحسنى العفوّ
ومعناه: الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي ويصفح عمن تاب وأناب.
والعفو صيغة مبالغة.
والعفو له معنيان: أحدهما الفضل، ومنه قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}[البقرة: ٢١٩] يعني ما فضل من أموالهم.
والمعنى الثاني للعفو: المحو والإزالة، يقال: عفت الرياح الآثار إذا أزالتها. فالعفو في وصفه تعالى على هذا المعنى هو إزالة آثار الإجرام بجميل المغفرة، فالله سبحانه وتعالى يعفو عن العباد فيعفو عن ذنوبهم فيزيل أحكامها كما قال تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}[الرعد: ٣٩].
والفرق بين الغفران والعفو أن الغفران هو الستر بمعنى التغطية ولكن العفو: هو المحو، قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}[الشورى: ٢٥].
واعلم أن اقتران العفو بالقدرة تنبيه للعبد لمكارم الأخلاق ليعفو عمن ظلمه إذا نصره الله عليه، قال تعالى:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧].
والمسلم يعفو عمن أساء إليه بل يحسن إلى المسيء ولا يمن عليه بإحسانه، ومن عرف أنه سبحانه عفو طلب عفوه، ومن طلب عفوه تجاوز عن خلقه، قال تعالى:{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}[النور: ٢٢] وأن الكريم إذا عفا حفظ قلب المسيء عن تذكيره بسوء فعله، بل يزيل عنه ذلك الخجل (١).