قال يونس بن محمد المؤدب: مات حماد بن سلمة في الصلاة في المسجد.
رحم الله من كانت خاتمته في الصلاة في المسجد.
[وفاة محمد في واسع]
لما مرض محمد بن واسع الأزدي مرض الموت، تكاثر الناس على عيادته حتى غص منزله بالداخلين عليه والخارجين، والقائمين في منزله والقاعدين، فمال بشقه على أحد خواصه وقال: أخبرني ما يغني عني هؤلاء إذا أخذنا غدًا بالنواصي والأقدام؟ وما ينفعوني إذا ألقيت في النار؟
ثم أقبل على ربه وجعل يقول: اللهم إني أستغفرك من كل مقام سوء قمته، ومن كل مقعد سوء قعدته، ومن كل مدخل سوء دخلته، ومن كل مخرج سوء خرجته، ومن كل عمل سوء عملته، ومن كل قول سوء قلته، اللهم إني أستغفرك من ذلك كله، فاغفره لي وأتوب لك منه، فتُبْ عليَّ، وألقى إليك السلام قبل أن يكون لزامًا، ثم فاضت روحه.
[خاتمة الصالحين]
أبو شامة صلى الظهر، وجعل يسأل عن العصر، توضأ ثم تشهد وهو جالس، وقال: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، لقنني الله حجتي وأقال عثرتي ورحم غربتي. ثم قال: وعليكم السلام، فعلمنا أنه حضرت الملائكة، ثم انقلب ميتا.
وقال أحدهم عند موته: يا سيدي أمهلني، أنا مأمور وأنتم مأمورون، ثم سمع المؤذن للعصر، فقلت: يا سيدي المؤذن يؤذن، فقال: اجلسوني، فجلس فأحرم بالصلاة، ووضع يده على الأخرى وصلى، ثم توفى من ساعته.
وهذا الربيع بن زياد يتولى أمر خراسان بأمر معاوية بن أبي سفيان، وهو غير منشرح الصدر، وبعد إحدى المعارك يرسل إليه زياد بن أبيه أحد ولاة بني أمية كتابًا يقول: إن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان يأمرك أن تستبقي الأصفر والأبيض من غنائم الحرب لبيت مال المسلمين، وتقسم ما سوى ذلك بين المجاهدين.
فكتب إليه يقول: إني وجدت كتاب الله عز وجل يأمر بغير ما أمرتني به على لسان أمير المؤمنين، ثم نادى في الناس: أن اغدوا على غنائمكم فخذوها، ثم أرسل الخمس إلى دار الخلافة في "دمشق".