هكذا كانوا قمة في الحلم، فلم تصدر منهم كلمات يندمون عليها بعد ذلك، فالناس ينظرون إلى الدعاة اليوم ويضعونهم تحت المجهر، فاحذر أن يصدر منك سلوك يؤثر على دعوتك، وينفر الناس منك.
[ثلاث صحف]
كتب أحد الملوك ثلاث صحف، ثم أعطى لكل رجل صحيفة وقال للرجل الأول، إذا اشتد غضبي فقم إلي بهذه، وقال للثاني: إذا سكن بعض غضبي فأعطني هذه، وقال للثالث: إذا ذهب غضبي فأعطني هذه.
وكان مكتوبا في الصحيفة الأولى: أقصر فما أنت وهذا الغضب إنك لست بإله إنما أنت بشر يوشك أن يأكل بعضك بعضا.
وكان مكتوبًا في الثانية: ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء.
وكان مكتوبًا في الثالثة: احمل عباد الله على كتاب الله فلا يصلحهم إلا ذلك.
المسلم لا ينتقم لنفسه، وهو متسامح دائما، وهذه وسيلة من أحد الملوك ليكظم غيظه، فاتخذ ما شئت من الوسائل لتكون حليما، اترك الغضب.
قال ابن مسعود: انظر إلى حلم الرجل عند غضبه، وأمانته عند طمعه، وما علمك بحلمه إذا لم يغضب؟! وما علمك بأمانته إذا لم يطمع؟!
وقال جعفر بن محمد: الغضب مفتاح كل شر.
وقال بعضهم: إياك والغضب فإنه يصيرك إلى ذلة الاعتذار.
وقيل: اتقوا الغضب فإنه يفسد الإيمان.
وقال علي بن زيد: أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز، فأطرق عمر زمانا طويلا ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك ما تناله مني غدا؟
وكان عمر - رضي الله عنه - إذا خطب قال في خطبته: أفلح منكم من حفظ من الطمع والهوى والغضب. وقال بعضهم: من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النار، وقال الحسن: من علامات المسلم قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وعلم في حلم، وكيس في رفق، وإعطاء في حق، وقصد في غنى، وتحمل في فاقة، وإحسان في قدرة، وتحمل في